Daily Archives: جانفي 18, 2009

نبي الله داود عليه السلام ـ د. محمد عمارة

د. محمد عمارة (المصريون) : بتاريخ 17 – 1 – 2009

صورته في القرآن الكريم

 

يصور القرآن الكريم نبي الله داود ـ عليه السلام ـ في صورة مثلى ولائقةٍ بمن اصطفاه الله فجمع له المُلك مع النبوة والرسالة .. فهو :
1
ـ الخليفة : {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} ص : 26
2
ـ وصاحب الزبور : {وآتينا داود زبورا} الإسراء : 55
3
ـ والأواب : {واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب} ص: 17
4
ـ وصاحب المُلك والحكمة والعلم وفصل الخطاب :
{
وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء} البقرة : 251
{
وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} ص: 20
5
ـ والذي سبحت معه الطير والجبال :
{
إنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)} ص
6
ـ وصاحب الصناعات الثقيلة الذي يأكل من عمل يديه :
{
وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعلمون بصير} سبأ : 10 ، 11
7
ـ والمغفور له .. صاحب الزلفى وحسن المآب : {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ص: 25
* * *
تلك هي صورة هذا النبي الكريم ـ داود عليه السلام ـ في القرآن :
الخليفة .. الذي أنزل الله عليه الوحي في الزبور .. والأواب .. صاحب الملك والحكمة والعلم وفصل الخطاب .. وصاحب الصوت الجميل ، الذي أوَّبت معه وسبّحت الطيرُ والجبال .. والذي ألان الله له الحديد .. فكان مع الملك ـ يأكل من عمل يديه .. والذي غفر الله له ـ بعد الامتحان والابتلاء ـ فجعل له ـ عنده الزلفى وحسن المآب ..
فماذا عن صورة هذا النبي الكريم في أسفار العهد القديم .. المؤسسة لثقافة النصارى واليهود ؟؟
صورته في العهد القديم
في العهد القديم ، يصورون داود عليه السلام ، في صورة :
ـ الفاسق : الذي يتلصص على عوْرات الناس ومحارمِهم !
ـ والزاني بزوجة أوريا الحثي !
ـ والمتآمر للتخلص من الزوج .. ولنسبة ابنه ـ من الزنا ـ إلى الزوج المسكين !
ـ والقاتل ـ بالمكر والتدبير ـ للزوج :
ـ وذلك حتى يضم الزوجة ـ التي زنى بها ـ إلى حريمه ، ونسائه الكثيرات!!
* * *
إِي والله .. هذه هي صورة نبي الله داود ـ عليه السلام ـ في أسفار العهد القديم .. والتي أثمرت ثقافة الازدراء للأنبياء والمرسلين لدى النصارى واليهود ، الذين “تربّوا” على أسفار هذا العهد القديم !!
فلقد جاء في سفر صموئيل الثاني : 11 : 1 ـ 26
وكان عند تمام السنة، في وقت خروج الملوك، أن داود أرسل يوآب وعبيده معه وجميع إسرائيل، فأخرجوا بني عمُّون، وحاصروا ربَّة. وأما داود، فأقام في أورشليم.
وكان في وقت المساء، أن داود قام عن سريره، وتمشى على سطح بيت المُلك، فرأى من على السطح امرأةً تستحم. وكانت المرأةُ جميلةَ المنظر جدًا. فأرسل داود، وسأل عن المرأة ، فقال واحدٌ: أليست هذه بثشبع بنت أليعام، امرأة أوريا الحثي؟ فأرسل داود رسلاً، وأخذها ، فدخلت إليه ، فاضطجع معها .. ثم رجعت إلى بيتها. وحَبِلت المرأة ، فأرسلت وأخبرت داود ، وقالت: إني حُبلى.
فأرسل داود إلى يوآب ، يقول : أرسل إليّ يوريا الحثى . فأرسل يوآب أوريا إلى داود . فأتى أويا إليه ، فسأله داود عن سلامة يوآب، وسلامة الشعب، ونجاح الحرب.
وقال داود لأوريا: انزل إلى بيتك، واغسل رجليك. فخرج أوريا من بيت الملك، وخرجت وراءَه حِصة من عند الملك.
ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده، ولم ينزل إلى بيته . فأخبروا داود قائلين : لم ينزل أوريا إلى بيته . فقال داود لأوريا : أما جئت من السفر ؟ فلماذا لم تنزل إلى بيتك ؟
فقال أوريا لداود : إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام ، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجهِ الصحراء ، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي؟
وَحَيَاتِكَ وحيوة نفسك ، لا أفعل هذا الأمر.
فقال داود لأوريا: أقم هنا اليوم أيضًا، وغدًا أطلقك. فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده ..
ودعاه داود فأكل أمامه وشرب وأسكره ، وخرج عند المساء ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيدة وإلى بيته لم ينزل.
وفي الصباح، كتب داود مكتوبًا إلى يوآب، وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول: اجعلوا أوريا في وجهِ الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه، فيُضرب ويموت.
وكان في محاصرة يوآب المدينة، أنه جعل أوريا في الموضِع الذي علِم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة، وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثي أيضًا. فأرسل يوآب، وأخبر داود بجميع أمور الحرب .. وقالوا له: قد مات عبدك أوريا الحثي أيضًا.
فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها، ندبت بعلها.
ولما مضت المناحة، أرسل داود، وضمها إلى بيته، وصارت له امرأةً، وولدت له ابنًا.
* * *
هكذا صورت أسفار العهد القديم نبيَّ الله داود ـ عليه السلام ـ في صورة الفاسق .. المتلصص على الأعراض والحرمات .. والزاني .. والمتآمر على قتل الزوج المخلِص المسكين .. والذي ضم المرأة التي زنى بها إلى حريمه .. وأنجب منها ولد زنى ..
ويُكمل إنجيل متى 1 : 6 الصورة البائسة ، فيحدثُنا عن أن نبي الله سليمان ـ عليه السلام ـ هو من نسل هذه المرأة الزانية ! .. “ويسي ولدَ داود الملك ، وداود ولدَ سليمان من التي لأوريا” ..
أي أن الأنبياء والمرسلين ـ في هذه الأسفار .. وفي هذه الثقافة ـ هم زناة .. ومن نسل الزناة !!
تلك هي الصورة ـ المفتراة .. والمزرية ـ لنبي الله داود ـ عليه السلام ـ في أسفار العهد القديم ..
* * *
بل إن ثقافة الازدراء هذه لم تقف عند النبي داود ـ عليه السلام ـ وإنما تعدته ـ في هذه الأسفار التي كتبوها بأيديهم ، ثم كذبوا فنسبوها إلى الله ـ تعدى هذا الازدراء داود إلى صورة الانتقام الإلهي منه ..
فعلى حين قال القرآن الكريم : إن الله قد غفر لداود ، فكان صاحب الزلفى وحسن المآب {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ص : 25 .. نجد أسفار العهد القديم تصور انتقام الله من داود ، على النحو الذي يسيء إلى صورة الله ، وصفاته جل وعلا .. فداود ـ بزعمهم ـ قد زنى في السر .. وها هو الله ـ بزعمهم ـ يعاقبه بالزنا ، بنسائه في العلن ، وعلى رؤوس الأشهاد !!
وداود ـ بزعمهم ـ قد زنى بامرأة واحدة .. وها هو الله ـ بزعمهم ـ يعاقبه بالزنا بجميع نسائه أمام الجميع !
نعم ! .. هكذا طال الازدراء في العهد القديم .. وفي الثقافة النصرانية واليهودية ـ حتى ذات الله ـ تعالى سبحانه عما يصفون ..
ففي العهد القديم ـ سفر صموئيل الثاني 12 : 9 ـ 12 نقرأ :
قال الرب إله إسرائيل ـ [لداود] ـ :
لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه . قد قتلت أوريا الحثّي بالسيف وأخذت امرأته لك امرأةً . وإياه قتلتَ بسيف بني عمون .
والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد لأنك احتقرتني وأخذت امرأة أوريا الحثّي لتكون لك امرأة .
ها أنا ذا أقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهنّ لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس .. لأنك أنت فعلت بالسرّ وأنا أفعل هذا الأمر قدّام جميع إسرائيل وقدام الشمس .
ويُكمل هذا السفر ـ سفر صموئل الثاني الصورة المفتراة ، عندما يقول : إن نبي الله سليمان إنما وُلد من أبٍ زانٍ وأمٍّ زانية ..
ودخل داود ـ [إلى بتشبع] ـ امرأته ـ [امرأة أوريا الحثى] واضطجع معها ، فولدت ابنًا ، فدعا اسمه سليمان..”
* * *
تلك هي الصورة ـ اليهودية النصرانية ـ المفتراة ـ لنبي الله داود ـ عليه السلام ، والتي زيَّفها الأحبار والحاخامات .. وصنعوا منها ثقافة مغشوشة أثمرت الازدراء الذي ميز نظرة اليهود والنصارى إلى الأنبياء والمرسلين ـ عليهم الصلاة والسلام ..
وإذا كان القرآن الكريم يعبّر عن عدالة الله ـ سبحانه وتعالى ـ التي لا تزر فيها وازرة وزر أخرى : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} الأنعام : 164
فإن هذه الأسفار ـ بما زعمت من عقاب الله لكل بيت داود ـ قد شرّعت للعقاب الجماعي ، الذي يمارسه طغاة النصارى واليهود في هذه اللحظات !!


http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=58938&Page=1&Part=10