أما التنصير فإنه بدأ في جاوة وسيلان ( من العالم الإسلامي ) منذ مطلع القرن الثامن عشر الميلادي، وفي القرن التاسع عشر ظهر التنصير بشكل منظم في العالم الإسلامي كله، فانتشرت الإرساليات، والمدارس التبشيرية في كل مكان، وكان التنصير هو الأداة الأولى التي يسخرها الاحتلال لأغراضه المتعددة، فقد عرف المنصرين على الواقع المؤلم الذي يعيشه المسلمون الذين أخذوا يبحثون عن خلافتهم، حين ضيعوها بجمودهم وخمولهم، وتواكلهم، فغزاهم المنصرون في عقر دارهم ووصل الأمر بهم - أي النصارى - إلى أنهم كانوا يعقدون مؤتمراتهم لهدم كيان المسلمين والكيد للإسلام في سائر بلاد الإسلام وخاصة المدن الزاخرة بالعلماء والمثقفين والمفكرين. فعقدوا ي القاهرة أكثر من مؤتمر تنصري. وكذلك في القدس أكثر من مرة أيضا. وفي تونس وقسطنطينة الجزائر وفي لكنوء بالهند وفي بيروت وفي أدنبره ( ) فيا ترى أين المسلمون؟ !
التنصير في اللغة : هو الدعوة إلى اعتناق النصرانية ، جاء في لسان العرب : والتنصر هو الدخول في النصرانية.(1)وفي الصحيحين ، واللفظ للبخاري ، عن أبي هريرة y قال : قال r :( ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جد عاء ؟)(2) . والفطرة هنا هي الإسلام.
التنصير اصطلاحاً :
v هو تحويل البشرية إلى المسيحية باستخدام جميع الوسائل والسبل المتعددة مشروعة كانت أم غير مشروعة.
v والتنصير : حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية، بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة ، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب(3).
"ولو أنا أمعنا النظر في الدعم والتمويل الضخمين اللذين وراء هذا النشاط التنصيري لوجدنا أن معظم الدول الداعمة لهذا النشاط على علاقة ليست بالوثيقة مع الكنيسة ومن هذه الدول على سبيل المثال لا الحصر أمريكا و فرنسا؛والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الدافع لهذه الدول التي لا صلة لها بالدين وتزعم أنها قد جاءت لنشره لنهج هذا السلوك
لقد ظل التدين النصراني (الكنسي المحرف) هو السائد في الغرب، ونصوصه هي المتحكمة في حياة الناس ومصائرهم ن وظل الأمر كذلك طيلة القرون السبعة عشر الميلادية، بالرغم من الآراء التحررية، التي أعلنها بعض المفكرين وطلاب البعثات الغربية، الذين درسوا في المدارس والجامعات الإسلامية، في الأندلس والمغرب، والذين اتصلوا ( عبر الحروب الصليبية ) بالشرق الإسلامي، وبالرغم من ظهور تلك الموجة التحررية من أمثال لوثر ( 1438م - 1546 )، وكالفن ( 1509 - 1564م ).. حيث كانت لآراء هذين وأمثالهما أكبر الأثر في تحرر الغرب من سلطات الكنيسة المتحكمة، وعصابات ما يسمى (برجال الدين) هناك، ومع ذلك بقي سلطان الكنيسة هو الأقوى، يُحرق ويشرد ويقتل المفكرين، وفي القرن الثامن عشر بدأ سلطانها يتقهقر بتقدم العلم وتنور العقول، وظهر الاتجاه إلى سيادة العقل أو ما يسمى ( بالتنوير ) والتحرر من تعاليم الكنيسة المتحجرة وتحكيم العقل، وإطلاقه من إساره، لينظر ويبدع، ويستنبط ويمارس الحياة ويفكر في ملكوت السماوات والأرض ما استطاع، وكان هذا الاتجاه الذي تأثرت به أوربا أثناء اتصالها بالمسلمين، يعتبر بحق أساس التقدم العلمي الباهر الذي وصل إليه الغرب الآن. ومع هذه الحركة العقلية حدثت ردة الفعل ضد الدين - كل دين - عنيفة بسبب موقف تعاليم الكنيسة الباطلة، فحدث هذا الانفصام المزعوم بين الدين والعلم، فقامت هذه الحضارة الغربية على المادية البحتة والعلمانية والإلحاد، فكان من جراء ذلك أن أصيبت البشرية بالخواء الروحي الذي لا يقل خطراً على مصير الإنسانية من تعنت الكنيسة من قبل، فاتجه العلم والتقدم إلى تهديد البشرية بالدمار وكلما زاد التقدم العلمي في الغرب زادت الفجوة بين الدين والحياة الواقعية، وبين المادة والروح، فأنشأ هذا الفصام أجيالاً حائرة قلقة، لا تعرف للفضيلة قيمة ولا للسعادة معنى، تحمل حتفها بعلمها وتقدمها، فاعتنقت مذاهب نكدة فاسدة تعذبت بها أيما عذاب . كالشيوعية والفوضوية والوجودية، وكثرت النظريات الهدامة وحركات الهيبز والإباحية، وجاءت هذه التيارات المتناقضة كلها إلى العالم الإسلامي وساهمت في نشأة الاتجاهات والمذاهب الهدامة وأبرزها العلمانية بين المسلمين. هذا وكان لليهود والمنظمات والمؤسسات التي تخدمهم أكبر الأثر في توجيه هذه التيارات لإفساد الأديان والأخلاق
وقد ركز المحتلون الغربيون، أثناء إقامتهم في العالم الإسلامي، على الأمور التالية
- تشجيع التبشير وتمكينه في البلاد الإسلامية.
- فصل الدين ( الإسلام ) عن الدولة والحياة، وإلغاء العمل بالشريعة الإسلامية.
- تربية جيل من أبناء المسلمين على الفكر والسلوك الغربي وعزله عن عقيدته وتاريخه وأمته، ثم اصطفاء نخبة من هؤلاء ليصنعهم الغرب على عينه، وقد ولاهم مقاليد البلاد بعد خروجه منها، فعاثوا فيها فساداً.
- توجيه مناهج التعليم والتربية والإعلام والثقافة والفكر والأدب، وغيرها، وصبغها بالصبغة الغربية الخالصة، وإبعاد المفاهيم الإسلامية الأصيلة. - العمل بكل وسيلة على عرقلة النهضة الإسلامية فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً لتبقى بحاجة إلى الغرب، فيأمن عودة روح الجهاد بين المسلمين، لذلك اهتم كل الاهتمام بضرب الحركات الإسلامية.
- إثارة الشبه والشكوك وتشجيع المثيرين لها بين أنصاف المثقفين والشباب الناشئين.
- عرض الأفكار والنظريات والفلسفات الغربية الهدامة وإيجاد خلايا لها بين المسلمين كالشيوعية، والاشتراكية والوجودية، والقومية، والوطنية، والإباحية . ألخ، وتمكين أصحاب تلك الاتجاهات في الداخل من مراكز القيادة والتوجيه.
- تشتيت بلاد الإسلام، جغرافياً بتقسيمها إلى دويلات، وفكرياً بتشجيع الفرق والأقليات غير الإسلامية، وسياسياً بإيجاد الاتجاهات السياسية والأحزاب لكل دولة.
- بث الأفكار الثورية، والاتجاهات الفوضوية، وتشجيع وإثارة المراهقين فكرياً وسياسياً لضمان عدم الاستقرار السياسي في البلاد الإسلامية. وذلك بتكوين وتشجيع الأحزاب السياسية التي تحتوي الأفراد ذوي الميول الحادة وحب المعارضة وعشاق الشهرة